يعد الشذوذ الجنسي من القضايا التي تتجنب مجتمعاتنا العربية والإسلامية الحديث عنها بصوت عال في حين أن الأمر معاكس في الغرب حيث يشكل الشذوذ قضية مثيرة للجدل والنقاش بين الناس وفي السياسة. وقد أجرت العديد من الدول الغربية استفتاءات شعبية خاصة بتشريع أو عدم تشريع المثلية الجنسية. واليوم باتت المثلية الجنسية مشرعة في معظم أوروبا بل إن بعض الدول تبحث سن قوانين تجرم الأشخاص الذين يرفضون المثلية الجنسية. وقد تابع العالم قبل أيام في قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" وقوف "زوج" رئيس وزراء اللكسمبورغ (المثلي) إلى جانب زوجات رؤساء الدول المشاركين في القمة ومر الأمر بشكل طبيعي في الغرب، في حين أنه كان مادة للغرابة والطرفة في بلادنا العربية والإسلامية التي مازالت تجرّم المثلية الجنسية.
هذا لا يعني أن المثلية الجنسية ليست موجودة في مجتمعاتنا على العكس هي منتشرة وتتوسع وتتمدد، وباتت تطال شرائح اجتماعية كانت بعيدة عنها في السابق. لكن مجتمعاتنا وكما عهدناها دائماً في كل القضايا الإشكالية والأمراض الاجتماعية، فإنها تطمس رأسها في الرمال وتتجنب مواجهة الواقع وتقرع الطبول رفضاً واشمئزازاً وتنديداً دون بذل أي جهد حقيقي للمواجهة والعمل على المعالجة.
الشذوذ الجنسي ليس أمراً جديداً طارئاً بل يعود لآلاف سنين لكن قدمه لا يعني الاتفاق حول توصيفه. فبعض العلماء يقولون بأن أسبابه عضوية ويدللون على ذلك بأن الشرع الحنيف أقر نصيباً محدداً في الميراث للمخنس وهو الذي لم يتم تحديد جنسه ذكراً أو أنثى وعلماء آخرون اعتبروا الشذوذ مرض نفسي مكتسب يجب العمل على معالجته بينما آخرون ومنهم علماء الشريعة يصرون على أن انتشار الشذوذ الجنسي هو نتيجة انحراف سلوكي بدأ مع الثورات الجنسية في الغرب وساهم فيه البعد عن الأخلاق والقيم وانتشار المخدرات والمناداة بالحرية المطلقة للأفراد.
بعيداً عن التوصيفات الحقيقة المؤسفة التي يجدر بمجتمعاتنا الإقرار بها، هو أن الشذوذ الجنسي لم يعد أمراً بعيداً عنها، وبات الأمر يستدعي ممن يعنيهم الأمر البحث في أسباب انتشاره والتعامل معها ومعالجتها من زوايا طبية ونفسية واجتماعية ودينية بعيداً عن الرفض المطلق والإقصاء والصد والاكتفاء بالتعبير عن الاشمئزاز.
هي ليست دعوة للتأقلم مع الشذوذ الجنسي والتكيف معه والقبول به بل للتعامل معه بواقعية ومرونة والعمل الجاد من خلال دراسات علمية تبحث في أسباب وخلفيات انتشار الشذوذ في مجتمعاتنا والعمل على إيجاد الحلول لها بعيداً عن التهديد والوعيد بعذاب في الدنيا والآخرة. فانتشار الشذوذ لم يعد ظاهرة طارئة بل بات يتسلّل من حولنا وينخر في مجتمعاتنا التي كنا نعتقد أنها محصنة ومنيعة.ومن منبرى هذا أناشد الأزهر ورجال الدين والطب النفسى بنشر خطورة الشذوذ الجنسى وإيجاد حلول وعمل ورش توعيه للشباب وتخصيص خطبة الجمعه على الأقل مرة فى الشهر لتوعيه الأسر من هذة الظاهرة الغريبه على مجتمعنا ٠ عفانا الله وعفاكم من شرور أنفسنا
اختكم الإعلامية رقية محمد